تحليل لقاء السيسى مع لميس الحديدى وابراهيم عيسى من الناحيه النفسيه
ماشاء الله مستواه عالي ومتفوق».. بهذه الكلمات علق الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، على حوار المشير عبد الفتاح السيسي، المرشح الرئاسي، مع الإعلاميين لميس الحديدي وإبراهيم عيسى. واعتبر خليل أن المشير بدا على مدار الحوار «مرتبكًا»، مضيفًا: «كان يحاول التخلص من هذا الارتباك في أحيان، فيأتي خطابه متماسكًا وإجاباته مرتبطة بالسؤال، ولكن في الأحوال التي كان يصيبه الارتباك كانت تبتعد إجاباته عن الأسئلة». وأعطى أستاذ الصحافة مثالا بأن السيسي، في بعض الأحيان، كان «السؤال في وادٍ والإجابة في وادٍ آخر»، على حد قوله، وفيما يتعلق بأسئلة «ثورة يناير والسؤال عن الضغوط التي تمارسها الدول الأجنبية على سلطة ما بعد 30 يونيو»، كان وزير الدفاع السابق يحاول أن يفلت من الإجابة عليها». «هادئ يفقد أعصابه.. معجب بنفسه» وقال د. محمود خليل، في حديثه إن المشير السيسي في بعض الأحوال «كان يفقد شخصيته الهادئة فيبدو عصبيًا»، ومثالا على ذلك، من وجهة نظره، عندما سُئل عن موقفه من «قانون التظاهر». وبالنسبة للغة المرشح الرئاسي، رأى أن «كلمة الأنا كانت تظهر في بعض المقاطع من كلامه والتي أحيانًا ما تدل على النرجسية والإعجاب بالذات»، بحسب كلام د. محمود، ولكن ما لفت نظره حديث المرشح الرئاسي عن «عدم المصالحة مطلقًا مع الإخوان، وأن الجماعة انتهت للأبد»، واصفًا التصريح بأنه «غير محسوب». واعتبر أن السيسي كان لابد أن يتريث قليلا قبل إطلاق مثل هذا التصريح، قائلا: «هذا ليس تفكيرا سياسيا لأنك عندما تتعامل مع خصم سياسي يجب أن تعطيه دائمًا خط رجعة، وهذا يؤكد ما قلته في البداية أنه بدا مرتبكًا في بعض الأحيان». «الرئيس المؤمن» كما واصل د. محمود خليل حديثه مشيرًا إلى أن المشير وضح على خطابه محاولته تقديم نفسه كـ«رئيس مؤمن أو رجل يراعي الله تعالى في كل أعماله وأقواله»، مفسرًا ذلك بأنها «محاولات دفاعية منه لمواجهة اتهام التيارات الإسلامية له بأنه عندما أسقط نظام مرسي كان يعمل ضد الإسلام». وأضاف: «أما طبيعة شخصيته العسكرية، فظهرت في بعض كلامه مثل تكراره لـ(اسمعني للآخر.. سيبوني أكمل كلامي)»، بحسب رؤية أستاذ الإعلام، الذي أشار إلى أن «المشير هنا بدا شخصية عسكرية من الطراز الأول تعتمد على أنها تعطي أوامر أو تستمع لأوامر ولا تؤمن بفكرة المقاطعة أو الجدل». «كله بالحب» أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، اعتبر استخدام السيسي لصيغ «الحب» في حديثه، يشير إلى أنها محاولة منه لـ«يبدو رقيقًا ويعمل بالحب والود والعاطفة الجياشة، ولكن في تقديري الشخصي لا أعتقد أنه كذلك»، على حد قوله. واعتبر محمود خليل أن الحوار الذي جمعه بالإعلاميين، السبت الماضي، كان أكثر توفيقا وتميزًا من حيث الأداء، مشيرًا إلى أن حواره أمس «ممكن يكون قلل شوية من شعبيته». «إجادة لعيسى.. والحوار بارد» وتعليقًا منه على أداء المحاورين، إبراهيم عيسى ولميس الحديدي، وصفه خليل بأنه «جيد.. خصوصا إبراهيم عيسى»، مفسرًا ذلك بأن الأسئلة التي ارتبك فيها المشير وفقد هدوئه وجهها لعيسى. وصنف خليل حوار أمس بأنه «بارد وهادئ» يفتقد السخونة والنقاط البارزة، ولكن «بعض أسئلة عيسى أظهرت جوانب أخرى من شخصية المشير غير التي نراها». « ذو خلفية إسلامية.. رؤية نفسية» أما الدكتورة هبه عيسوي، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس، فحللت لـ«بوابة الشروق» حوار المشير من الناحية النفسية، قائلة: «شخص متدين.. لا أقصد هنا تدين الطقوس لأنني لم أره، ولكن يُظهر أنه يخشى الله عز وجل من خلال تعاطفه مع الفقراء وحديثه عن المسؤولية». وعلقت عيسوي على بعض الجمل مثل «مش هنام.. أنا هشيل بس ساعدوني»، التي ذكرها في حديثه، قائلة إنها تنم عن شعور بالمسؤولية، وإنه لا يحاول أن يلقيها على أحد ولا يعطي وعودا في الهواء». أما عن كلمة «شخصية متحفظة»، فقالت د. هبة عيسوي إن السيسي شخص «واقعي وعقلاني جدًا، تفكيره مرتب ومتسلسل، يكره التشتت وهي اللحظات التي كان يظهر فيها امتعاضه». واتفقت عيسوي مع الدكتور محمود خليل في وصف السيسي بأنه «شخصية عسكرية من الطراز الأول»، معتبرة أن ذلك سبب كرهه للتشتت، «لأن الشخصية العسكرية تسعى للوصول إلى الهدف». «كثرة الدموع تفقده المصداقية» وتمسكت أستاذة الطب النفسي بأن «شعوره بهول المسؤولية تجعل الدموع تغلب عليه»، لكنها نصحته بالسيطرة على هذه العواطف. وقالت: «طبيعتنا المصرية والمخزون المعرفي لدينا يجعلنا غير معتادين على الرئيس صاحب الدموع أو العيون اللامعة بالدموع، فهذا ليس نمط الرئيس المصري، وهو ما يمكن أن يفقده المصداقية». «لغة الجسد.. عقلاني يفتقد الإبداع» وفي تحليلها للغة جسد المرشح الرئاسي، قالت هبة عيسوي، إن السيسي يستعمل «يده اليمنى» بكثرة، وهو ما ينبه الفص الأيسر للمخ ويجعله يعمل بشكل أكثر فاعلية من الفص الأيمن، بما يشير إلى أنه «رجل دقيق مُدقق عقلاني يفتقد الحس الفني والإبداع»، على حد تعبيرها. وذكرت أن من يستخدم يده اليمنى بكثرة فهذا يعني أن فصه الأيسر هو الأكثر فاعلية، والعكس صحيح. مضيفة أن أصحاب «الفص الأيمن» هم في الغالب الفنانين والمبدعين. «لزمات المشير» انتقدت هبة عيسوي وجود بعض «اللزمات الكلامية» عند المشير السيسي مثل «خد بالك معايا – أقول تاني، وغيرها»، لافتة إلى أن هذه اللزمات غير محببة عند الشعب المصري. وأرجعت سبب طلبها بضرورة التخلص منها إلى أن «هذه اللزمات تجعل كلام الرئيس متوقعًا، وتعطيه فرصة للتفكير قبل الرد وتوضح طريقته في الهروب من الإجابة على الأسئلة»، مضيفة أن هذا غير مطلوب في الرئيس ولابد أن يسترسل في الحديث بدون لزمات كلامية. «ثبات انفعالي» ومن ضمن التحليلات النفسية التي خرجت بها الدكتور هبة عيسوي من حوار، أمس، أن المشير السيسي عنده «ثبات انفعالي» جيد جدًا، ولكن «خانة هذا الثبات، عندما كان يشتت أو يُسأل عن شيء لا يريد الإجابة عليه». كما أعطت مثالا من الحوار يدل على أن السيسي لديه «ذكاء اجتماعي حاد»، من وجهة نظرها، وتحديدًا «عندما قرأ قسمات وجه إبراهيم عيسى بعد رده بإجابة لم ترض عيسى فلاحظ هذا وعلق عليها ليرد عليه الإعلامي إبراهيم عيسى، قائلا: «انت عندك فراسة يا سيادة المشير». «أما التواصل البصري فكان رائعا»، كانت هذه آخر تعليقات الدكتورة هبة على حوار المشير السيسي، مشيرة إلى أن هذه القدرة على التواصل البصري خلق نوعا من الترابط والدفء في الحوار بين الثلاثي «السيسي وعيسى والحديدي». وشرحت عيسوي المقصود بـ«التواصل البصري» بألا ينظر المتحدث إلى شخص واحد خلال الحديث كله، فكان السيسي ينقل عينيه بين المحاورين طوال الوقت، وهذه طريقة مدروسة تعطي نوعا من الحميمية في الكلام.