اعضاء مجلس الشعب مصرون على عدم الحل
دخلت المحكمة الدستورية العليا فى مواجهة جديدة مع مجلس الشعب
المنحل عقب اعتزام النائب محمد العمدة تقديم دعوى مخاصمة للمحكمة لفصلها فى
الطعن على عدم دستورية بعض نصوص قانون مجلس الشعب.
العمدة استند إلى سابق وجود خلاف بين المحكمة والمجلس، على خلفية
قيام البرلمان بإجراء تعديلات تشريعية على قانون المحكمة الدستورية العليا،
رفضتها الجمعية العمومية للمحكمة.
لم يتوقف الأمر عند حد إقامة دعوى المخاصمة، وإنما لجأ الدكتور سعد
الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب المنحل، إلى طلب فتوى قانونية من قسم التشريع
بمجلس الدولة لتفسير حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، وطالب
نواب بالاستفتاء على حكم حل البرلمان، استنادا إلى ما كان مقررا فى السابق
فى دستور 1971.
ورغم أن قانون المحكمة الدستورية العليا لا يوجد به نص ينظم إقامة
دعاوى المخاصمة أمامها، فإن العمدة يستند إلى نصوص قانون المرافعات التى
نظمت هذه المسألة.
وقالت مصادر بالمحكمة الدستورية العليا: إنه من حق أى شخص التقدم
بدعوى مخاصمة للمحكمة اعتراضا على أحكام أصدرتها، شريطة أن يتوافر ركن
المصلحة فى إقامة الدعوى، وبعدها تحدد المحكمة جلسة لنظرها، بتشكيل جديد
ممن لم يشاركوا فى إصدار الحكم محل المخاصمة.
زاد من الخلاف إصدار المجلس العسكرى قرارا بحل البرلمان، رغم أن حكم
«الدستورية» لم يتضمن ذلك، وأكد أن حل البرلمان قائم بقوة الحكم دون
الحاجة لاتخاذ أى إجراء آخر.
وقال المستشار ماهر سامى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا
المتحدث الرسمى باسمها: إن حكم «الدستورية العليا» نافذ بقوة القانون، ولا
يجوز الاستفتاء عليه، كما يطالب نواب مجلس الشعب.
وأوضح أن الأحكام لا يُستفتى عليها وإلا كنا استفتينا الشعب على
الحكم الصادر فى قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك
ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من كبار مساعديه، معتبرا قرار المجلس
العسكرى بحل البرلمان تزيُّد -وإن كان محموداً- إلا أنه لم يكن مطلوبا،
ويمكن أن نسميه إخطار للبرلمان بتنفيذ الحكم.
وأضاف سامى أن الحالات السابقة التى تحدث عنها دستور 1971 لم تكن
تتعلق بالاستفتاء على أحكام «الدستورية» بحل البرلمان؛ ففى عام 1987 حينما
صدر حكم «الدستورية» بحل البرلمان لم يتم الاستفتاء عليه، لافتا إلى أن
الدستور السابق حدد حالات الاستفتاء بأن يكون هناك خلاف بين السلطة
التنفيذية، ممثلة فى رئيس الجمهورية، والسلطة التشريعية، ممثلة فى مجلس
الشعب، بشكل يجعل التعاون بينهما مفقوداً بما يضر بمصالح الدولة، فيصدر
رئيس الجمهورية قرارا بحل البرلمان يتم الاستفتاء عليه.
وقالت المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية
العليا: إن رفض تنفيذ نواب مجلس الشعب حكم الدستورية العليا بحل البرلمان
هو انقلاب على الشرعية الدستورية، وانتهاك لحرمة الدولة تحت مسمى الشرعية
الثورية.
وأوضحت الجبالى أن من يريد الدخول فى الشرعية الدستورية فعليه
الالتزام بقواعدها وبمبادئ القانون، وما دام البرلمان يمثل السلطة
التشريعية، وكذلك المحكمة الدستورية العليا تمثل سلطة من سلطات الدولة، فلا
بد من احترام ما يصدر عن كل سلطة، وبالتالى ينبغى على نواب البرلمان تنفيذ
حكم الدستورية العليا دون اللجوء إلى الميادين للتظاهر تحت دعوى أن
الشرعية الثورية هى التى تحكم؛ لأننا لو افترضنا هذا فعليهم الخروج من سلطة
الدولة والبقاء فى الشارع دون الدخول فى مؤسسات الدولة.
وأكدت الجبالى أن منطوق الحكم لا ينفصل عن الأسباب التى استند
إليها، وذلك كان ردا على ما قاله نواب البرلمان من أن المنطوق يقضى بعدم
دستورية المواد الخاصة بانتخاب الثلث الفردى، بينما تطرقت الحيثيات إلى
بطلان البرلمان بالكامل، مشيرة إلى أنه لا يجوز لأى جهة مهما كانت أن تفسر
أو تعدل فى حكم المحكمة الدستورية العليا، حتى ولو كانت المحكمة نفسها.
من ناحية أخرى، قال المستشار محممود الخضيرى، رئيس اللجنة التشريعية
بالبرلمان المنحل: إن المحكمة الدستورية العليا وضعت نفسها فى مواجهة مع
مجلس الشعب بالمخالفة للقانون، موضحا أن الحكم بحل المجلس به قصور قانونى؛
حيث إنه ما كان للمحكمة برئاسة المستشار فاروق سلطان أن تفصل فى دعوى
أمامها ضد جهة بينها وبين المحكمة خصومة سابقة، إضافة إلى أن منطوق الحكم
لم يتطرق إلى حل البرلمان بالكامل.
وقال الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستورى: إن قرار المجلس
العسكرى بحل البرلمان غير صحيح، مشيرا إلى أن حكم الدستورية العليا يتعلق
بعدم دستورية النصوص التى على أساسها زاحم مرشحو الأحزاب السياسية
المستقلين فى الثلث الخاص بهم، وهو ما يترتب عليه بطلان هذا الثلث وليس
البرلمان كله.