المجلس العسكري
6/19/2012 8:58:00 AM
لندن - (بي بي سي)
طغى الشأن المصري على تغطية الصحف البريطانية الصادرة الثلاثاء للتطورات في المنطقة العربية، إذ تتحدث الافتتاحية الرئيسية في الجارديان عن ''غلطة العسكر الكبرى'' بتعطيل عمل مجلس الشعب وأثر ذلك على صعود الإخوان المسلمين المرتقب لسدة الحكم، بالإضافة إلى تحقيقات ومواضيع أخرى تستكشف آفاق ''المستقبل المجهول'' لمصر.
تقول
افتتاحية الجارديان، التي جاءت تحت عنوان '''طريق متعرِّج وطويل إلى
الديمقراطية''، إن ''الثورة المضادة قد تحوَّلت، وبأثر رجعي، إلى مسرحية
هزلية (كوميديا) من الأخطاء''.
الغلطة الكبرىوتدلِّل الصحيفة على تلك الأخطاء بما تصفها بـ ''الغلطة الكبرى''، أو
''أكبر خطأ في تقدير الحسابات''، من ارتكاب المجلس الأعلى للقوات المسلحة
الذي يتولى شؤون الحكم في مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11
فبراير من عام 2011.أما الغلطة، تقول الصحيفة، فهي ''إعلان قضاة
المجلس الدستوري'' عدم دستورية طريقة انتخاب ثلث أعضائه المستقلين، وكانت
تشير بذلك إلى حكم المحكمة الدستورية المصرية الذي استند إليه المجلس
الأعلى للقوات المسلحة في قراره يوم السبت الماضي بحل مجلس الشعب الذي كان
يسيطر عليه الإسلاميون.
تقول الافتتاحية: ''بما أن القرار قد جاء قبل
يومين فقط من الانتخابات الرئاسية، فلربما يكون قد رجَّح كفة الميزان
لصالح مرشح حركة الإخوان المسلمين، محمد مرسي''.
وتضيف: ''إن كانت
حركة الإخوان المسلمين قد بددت التعاطف الشعبي عبر إنجازها القليل خلال
الوقت الذي أمضته في البرلمان، وبالتالي خسرت أكثر من خمسة ملايين صوت، فإن
المحكمة الدستورية قد أعادت إلى الإخوان المسلمين صورة ضحية القرارات
والأوامر العسكرية''.
ترى الجارديان أنه في حال إعلان مرسي فائزا
رسميا بالرئاسة يوم الخميس المقبل، فسيثبت ذلك أن الديمقراطية قد سادت مصر
بالفعل، وأن ''المبالغ المالية الضخمة والحيل القذرة وحملة الترويع
والتخويف التي رافقت حملة المرشح أحمد شفيق لم تنجح إلى الحد الذي يمكنها
من إحداث تغيير في نتائج الانتخابات''.
وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بخلاصة جد مختصرة تبدو كنصيحة موجزة وجاءت على النحو التالي: ''على المجلس العسكري التخلي عن السلطة''.
العسكر ولعبة السلطةإلا أن إيان بلاك، مدير تحرير أخبار الشرق الأوسط في الغارديان، يبدو وكأنه
لا يتفق تماما مع رأي صحيفته بأن صفحة العسكر ستُطوى تماما لصالح الإخوان
المسلمين.فتحت عنوان ''العسكر يفوزون بلعبة السلطة، على الأقل في
هذه الجولة''، نطالع في الصحيفة مقالا تحليليا لبلاك يقول فيه: ''إن نصف
يوم هو وقت طويل بالنسبة للسياسة المصرية''.
أما كيف، فيجيب الكاتب:
''بينما كان الناخبون لا يزالون يدلون بأصواتهم في الجولة الثانية من
الانتخابات الرئاسية، منح الجيش نفسه سلطات واسعة ستحد بشكل كبير من نطاق
صلاحيات خليفة مبارك''.
ويضيف: ''في حال اتضح أن مرسي، الذي أعلن
فوزه باسم حزب الحرية والعدالة المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين، هو
الفائز بالانتخابات، فإن فوزه سيكون بمثابة جائز أقل بريقا ولمعانا بكثير
مما كان يأمل أنصاره، ومما كان يخشى خصومه ومنتقدوه أيضا''.
صراع حياة أو موتوإلى جانب تخصيص افتتاحيتها الرئيسية والمقال التحليلي لرئيس تحرير شؤون
الشرق الأوسط فيها لإلقاء الضوء على الأوضاع في مصر، فإن الجارديان تنشر
أيضا تحقيقا مصوَّرا عن الموضوع لمراسليها في القاهرة، جاك شينكر وعبد
الرحمن حسين، بعنوان: ''مصر تخوض صراع حياة أو موت بشأن مستقبلها''.يقول
التحقيق: ''لقد تعهدت حركة الإخوان المسلمين بمواجهة الجنرالات الذين
يحكمون مصر، وذلك في صراع حياة أو موت حول المستقبل السياسي للبلاد، لا
سيما بعد إعلان مرسي فوزه بالانتخابات الرئاسية وقوله إنه سيرفض المحاولات
الأخيرة للمجلس العسكري الحاكم لتدبير انقلاب دستوري''.
صحيفة
الفايننشال تايمز هي الأخرى تفرد اليوم مساحة للشأن المصري إذ تعنون تحقيقا
مصورا عن الموضوع بعنوان: ''المصريون يخشون الفوضى مع تشديد العسكر قبضتهم
على الحكم''.
يقول التحقيق، الذي أعده مراسلا الصحيفة في القاهرة،
بورزو داراغاهي وهالة صالح: ''لقد اقتربت حركة الإخوان المسلمين يوم أمس من
المواجهة مع الحرس القديم في البلاد، وذلك بعد الانتخابات الرئاسية وهبَّة
المناورات التي قامت بها القوات المسلحة وبدا أنها ترمي إلى توسيع سلطة
العسكر وإحكام قبضتهم على الحياة السياسية في البلاد''.
''الشتاء العربي''أمَّا التايمز، فتخصص أيضا افتتاحيتها الثانية للحديث عن الشأن المصري فتعنونها: ''الشتاء العربي''.تقول افتتاحية التايمز إن حكام مصر من العسكر قد ''قوَّضوا الحكم المدني عمداً''.
وتضيف
الصحيفة في افتتاحيتها أنه يتوجب على الحكومات الغربية أن تحتج بشدة على
تدخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر لتعزيز سطوتهم على الحكم على
حساب صلاحيات الرئيس المقبل للبلاد.
وتمضي إلى القول: ''هنالك القليل
الذي يمكننا فعله للتأثير بالسياسة الداخلية المصرية، لكن أن نقبل، من
منطلق إحساس بغير مكانه بالسياسة الواقعية، بحكم العسكر، وكأن الوضع عادي،
فإن ذلك سيكون تكرارا للأخطاء المرتكبة في سياستنا تجاه العالم العربي على
مر عقود عدة''.