07:48
كشفت تفاصيل الخارطة السياسية الجديدة المنحازة لتأييد الدستور الجديد الذى سيجرى الاستفتاء عليه خلال أسابيع، والتنسيق لانتخابات البرلمان والرئاسة، المقرر الانتهاء منهما فى الصيف المقبل أن الخارطة تضم ثلاثة تكتلات كبرى ومجموعة من التحالفات المدنية الأخرى، وتسعى إلى إقناع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسى، لخوض انتخابات الرئاسة، ويتزامن هذا مع إجراءات لتعديل الدوائر الانتخابية، بما يقطع الطريق على صعود التيارات الإسلامية التى هيمنت على البرلمان بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى 2011.
وتضم الخارطة الجديدة- التى نشرت تفاصيلها صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية من مصادر مسئولة- ثلاثة تكتلات مدنية كبرى تقف جميعها ضد تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، فى مقابل محاولات للإسلاميين (الإخوان والجماعة الإسلامية وبعض السلفيين) تشكيل تكتل رافض للدستور الجديد، ولأى انتخابات رئاسية مقبلة.
وتشير الخارطة إلى تيار شباب الثورة الذى تبنى فى الفترة الأخيرة مواقف مؤازرة لتوجه التيار الإسلامى, إلا أن المصادر رصدت انحصار هذا التيار "بسبب وجود زخم عام فى البلاد ضد الإسلام السياسى، وأى أنشطة معادية للنظام الحالى"، وتشمل الخارطة أيضا العمل على استقطاب بعض قيادات شباب الثورة "حتى لا يكرروا أخطاءهم حين استغلهم التيار الإسلامى لصعود جماعة الإخوان والسلفيين للبرلمان والرئاسة فى عامى 2011 و2012.
ووفقا للخارطة السياسية الجديدة التى يجرى العمل عليها فى الوقت الحالى، فإن التكتل الأول يقع تحت اسم مبدئى هو "الجبهة المصرية"، وتصفها المصادر بأنها "جبهة مجتمعية" تضم عددا من رموز القوى الوطنية ويقودها وزراء سابقون وزعماء عائلات كبيرة وشخصيات سياسية معتبرة عملت فى مواقع عليا وحساسة فى الدولة أثناء حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والرئيس السابق محمد مرسى، وفترة إدارة المجلس العسكرى للمرحلة الانتقالية بعد ثورة 2011، ويتزعم هذه الجبهة خليط من قيادات ذات صبغة أمنية وسياسية ودينية، وأخرى معروفة بعلاقاتها النافذة داخل عدد من العائلات المصرية المؤثرة فى توجهات الاقتراع فى أى انتخابات، خاصة فى الدلتا شمالا والصعيد جنوبا، ومن بين هذه الأسماء ثلاثة من رؤساء الوزراء وخمسة من الوزراء السابقين، بينهم اثنان شغلا موقعين أحدهما أمنى، والثانى خدمى، بالإضافة إلى قيادات دينية معتدلة، بينهم أزهريون، كانوا نوابا فى البرلمان خلال السنوات العشر الماضية، بالإضافة إلى مسئولين عملوا فى السابق فى رئاسة الجمهورية، إلى جانب نواب عرفوا بـ"مواقفهم الوطنية المستقلة" فى دورات برلمانية عديدة.
وعقدت مجموعة من التكتل الأول اجتماعات مبدئية وصل عددها لأكثر من ستة اجتماعات حتى الآن، من بينها اجتماع عقد أخيرا فى فندق مطل على ساحة الأهرام فى محافظة الجيزة لـ"مساعدة ودعم مؤسسات الدولة فى المرحلة الانتقالية الحالية، وتكوين ظهير شعبى لدعم الجيش والشرطة فى الحرب ضد الإرهاب والحشد من أجل التصويت بـ(نعم) على الدستور الجديد".
ويوجد ميل لدى قيادات فى هذا التكتل للضغط على السيسى لإقناعه بالترشح لانتخابات الرئاسة، وقالت المصادر نفسها إنه- ومن خلال هذا التكتل- جرى تكوين مجموعة من المرشحين الوطنيين الذين يمثلون أحزابا وأيديولوجيات مختلفة تحت مظلة واحدة لعدم تفتيت الأصوات، ولعدم تمكين تيار الإسلام السياسى من الفوز بنسبة كبيرة فى هذه الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء الذى عقد أخيرا بين كل من رئيس الدولة المؤقت عدلى منصور، ورئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزورى، تطرق إلى "الطريقة المثلى لإجراء الانتخابات النيابية"، وأنه جرى الاتفاق من حيث المبدأ على إجرائها بالنظام الفردى، وأن "وزارة الداخلية سوف تبدأ فى ترتيب الدوائر الانتخابية وفقا لهذا النظام" المتوقع منه أن يقلص فرص الإسلاميين فى شغل مقاعد فى البرلمان ويفتح الطريق أمام القوى المدنية.
أما التكتل الثانى، فيقع تحت اسم مبدئى آخر هو"تحالف الإرادة الشعبية"، ويهدف إلى "حماية مبادئ ثورة 30 يونيو وأهدافها وخارطة المستقبل التى أعلنها قائد الجيش عقب الإطاحة بمرسى فى الثالث من يوليو الماضي"، ويسعى هذا التكتل إلى "شراكة وطنية للتنسيق الشامل قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة"، ويضم مسئولين سابقين وقيادات سياسية وحزبية، ويرى قياديون فيه أن السيسى أفضل من يمكنه شغل موقع رئيس الدولة، و"لا بد من دعم المطالبة بترشحه للرئاسة".
وقالت المصادر إن التكتل الثانى يركز فى نشاطه على "العمل الميدانى" عبر الأحزاب السياسية المدنية والاتفاق فيما بينها على تقسيم دوائر انتخابات البرلمان فى عموم البلاد، ووضع أسماء المرشحين له من خلال الاتفاق على قوائم موحدة، وتفتيت الكتل التصويتية التى يعتمد عليها الإسلاميون، مشيرة إلى أن هذا التكتل يضغط مثله مثل التكتلات المدنية الأخرى لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية.
وجاء فى ديباجة تكتل "تحالف الإرادة الشعبية"، أن تشكيله يأتى فى هذا الوقت "نظرا للظروف السياسية الراهنة التى تمر بها مصر عقب نجاح ثورة 30 يونيو"، وإصرار بعض التيارات- خاصة الإخوان- على إلحاق أضرار بالوطن، والسعى نحو تدمير الاقتصاد ومعاداة الجيش والشرطة
أما التكتل الثالث، الذى لم يتخذ له اسما محددا بعد، فيقوده أحد كبار نواب البرلمان السابقين من مدينة نجع حمادى، ويوصف بأنه صاحب كلمة عليا فيما يتعلق بصناعة قصب السكر فى جنوب البلاد، ويؤازره فى ذلك وزيران سابقان على الأقل، وتمكن هذا التكتل من عقد اجتماعات فى مسقط رأسه، شارك فيها أكثر من 70 نائبا من كبار النواب السابقين المناوئين للإسلاميين، من بينهم نواب من الصعيد وآخرون من الدلتا، وعقد هذا التحالف العزم على خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة تحت مظلة واحدة، ويجرى فى الوقت الحالى التنسيق مع باقى التكتلات الرافضة لعودة الإخوان إلى المجلس النيابى.
ويقف مع التكتلات الثلاثة المشار إليها العشرات من التحالفات الرافضة لعودة تجربة الإسلاميين إلى الحكم مرة أخرى، ومن بينها تحالف ثوار وحكماء، وتحالف القبائل العربية الذى عقد قبل يومين مؤتمرا تحت رعاية رئيس الدولة فى فندق تابع للجيش، شارك فيه نحو خمسمائة عضو من عدة محافظات بعضهم كانوا نوابا فى البرلمانات السابقة، وينصب عمله هذه الأيام على إقناع أبناء القبائل فى مطروح وسيناء بالتخلى عن دعم أعمال العنف ضد الدولة، وتسليم ما لدى هذه القبائل من أسلحة غير مرخصة للسلطات.
وفى المقابل أكدت مصادر أن تيار الإسلام السياسى المكون أساسا من تيار الإخوان والموالين لهم من الجماعة الإسلامية وبعض السلفيين، يجرى حاليا اتصالات لتشكيل تكتل مضاد من المقترح أن تقوده أحزاب "مصر القوية، والحرية والعدالة، والبناء والتنمية، والوطن، والأصالة، والشعب"، بالإضافة إلى حركة "حازمون"، ويسعى هذا التكتل لخوض الانتخابات البرلمانية تحت مظلة واحدة والحشد ضد الدستور.
وقال مجدى شرابية، الأمين العام لحزب التجمع اليسارى أحد أحزاب جبهة الإنقاذ، إن من بين هذه التكتلات المدنية أحزابا منخرطة أساسا فى جبهة الإنقاذ التى أسهمت فى إسقاط حكم مرسى. مضيفا أن التكتلات ستكون أقوى من تحالفات الإسلاميين.
وأشار شرابية إلى أنه توجد بالفعل عدة تكتلات يضم بعضها أحزابا من جبهة الإنقاذ، قائلا إن الجبهة نفسها، تسعى للعودة بقوة إلى الحياة السياسية، خاصة قبل استحقاقات الاستفتاء على الدستور وانتخابات البرلمان والرئاسة، ومن المقرر أن يضم هذا التكتل أحزاب المؤتمر والشعب الجمهورى والسادات الديمقراطى والغد ونواب الشعب والوحدة والحركة الوطنية وغيرها.
ومن جانبه قال محمود نفادى، المتحدث الإعلامى باسم "تحالف نواب الشعب"، إن القوى الشبابية والثورية "عليها ألا توفر الغطاء السياسى للإرهاب الإخوانى من خلال مظاهرات ضد قانون التظاهر وفكرة لا للمحاكمات العسكرية"، مشيرا إلى أن "هذا الغطاء السياسى يمثل خطورة على القوى الشبابية ومدى الإمكانية للمشاركة فى العمل السياسى فى المرحلة المقبلة". مضيفا أن التكتلات الجديدة تسعى لمؤازرة مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش والشرطة، فى الحرب على الإرهاب.
وأوضح نفادى أن تكتل "تحالف الإرادة الشعبية" يعمل على "حسن استثمار وتوظيف الطاقات التابعة لكل طرف فى إطار مشروع قومى للاستقرار السياسى يعلى من الإرادة الشعبية للمواطنين"، دون انفراد أى طرف بالقرار، وتبنى ودعم مطالب وقضايا الفئات المهمشة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وبناء جبهة تخوض الانتخابات بـ"قائمة موحدة سواء فى النظام الفردى أو نظام القوائم".
وأشار إلى أن "تحالف نواب الشعب هو جزء قوى من القوى التقليدية يساند مؤسسات الدولة فى هذه المرحلة وخارطة الطريق، ويؤمن بأن التحالفات الانتخابية والسياسية هى الحل الوحيد لمواجهة تيار الإسلام السياسى، خاصة الإخوان وحلفاؤهم من أعداء ثورة 30 يونيو".