أرسل إليك قصتي وأنا أثق أني وحدي صاحبة قراري, ولكن احب أن أسمع أراء مختلفة, ربما وجدت في كلماتك ما يشجعني ويحمسني أكثر, علي تنفيذ ما في رأسي الآن..
أكتب إليك قصتي, بسبب تلك الرسائل الكثيرة التي اقرأها في بريد الجمعة لنساء معذبات, اما بسبب البحث عن الزوج وإما بسبب الانفصال عن زوج, لماذا كل هذا الجهد في البحث عن رجل؟ ومن قال لكن ان الزواج هو الامل والسعادة او هوسبب الراحة, والطريق الامثل كي تشعر المرأة بالعون والاكتمال؟
انا زوجة وام لثلاثة من الابناء, تزوجت من قبل15 عاما ولا اعرف كيف مرت بي كل هذه الاعوام؟ واقول الآن لكل امرأة بغير رجل, صدقيني, انت افضل حالا مني, ومن كثير من المتزوجات,علي الاقل انت حرة ولا تشعرين بالقهر والإحباط بسبب رجل مثل زوجي.
يقول من حولي اني سيدة جميلة, لكني اكاد اجزم ان حظ الجميلات قليل, خاصة مع ازواجهن.
زوجي ليس وسيما مثل نجوم السينما لكنه مجامل ذو كلام معسول يتصرف بعطف وثقة وهذا يكفي كي يوقع اي امرأة يستهدفها في حبائله, ويساعده انه يشغل في عمله مركزا مرموقا وله امكانات مادية كبيرة, وينفق بسخاء, خاصة اذا تعمد ابهار اي امرأة تعجبه.
انا الوحيدة التي لا تسمع منه كلاما ناعما,وكثيرا انتظر منه الكلمة الحلوة ولا يقولها, وحتي ان طلبتها فقدت معناها وهو ايضا لايستجيب.
المظاهر تجعل الناس تحسدني عليه, لكن يعلم الله كم انا معذبة بإهماله واستبداده, وخياناته المتوالية, فهو متعدد العلاقات حتي مع نساء متزوجات او معروفات لي وفي نفس مكان عملي, قبل ان يجبرني علي ترك وظيفتي والتفرغ للبيت ورعايته والاولاد.
كل من حولي قالوا إن له الحق في الا يسمح لي بالعمل مادام( مكفي بيته) ويقصدون الكفاية المادية طبعا, وكأن الفلوس هي العائد الوحيد من عملي, بينما الحقيقة اني كنت في امس الاحتياج لاشعر بالتقدير والتحقق بعيدا عن ذلك الاناني, وكنت احتاج الانفتاح علي الحياة والناس كي لا اكون سجينة البيت الفاره الذي يبدو للناس رائعا, بينما كل وظيفتي فيه ان انظفه فقط, وانا لا اشعر بأي سعادة فيه, ولا في تلك السيارة الكبيرة الحديثة(سيارة زوجي) التي لا اركبها معه الا في المناسبات وكأنه معروف منه لي, وقد اجد فيها اثرا لامرأة اخري كانت معه, مثل نظارة شمس حريمي, او( فردة حلق) ولا اجد منه ساعتها غير اللامبالاة, وكأنه يقول لي( هكذا انا.. وتلك طبيعتي وحياتي.. وان لم يعجبك تستطعين المغادرة.. واريني كيف ستفعلين؟)
انا الآن افكر في المغادرة والتخلص من تلك الحياة الكئيبة الثقيلة بالطلاق, واحيانا اشعر انه بمجرد خروجي من البيت, سيجد زوجي سريعا من يتزوجها, وسأكون انا وأولادي الخاسرين, زوجي الآن غني, وكنت قد تزوجته فقيرا, او علي الاقل متوسط الحال, اسمعني كلام الحب طويلا في البداية وكأنه كان يستدرجني حتي تم الزواج, وعن نفسي احببته ووثقت به, خاصة اني كنت صغيرة وبغير تجارب في الحياة, فياثناء زواجنا سافر للخارج سنتين في عقد عمل, ثم عاد وكأنه انسان آخر, كان يفهمني ان طاعتي له طوال الوقت هي واجبي كزوجةجيدة, ودليل الحب الدامغ, في المقابل يتشبث هو برأيه ولا يتنازل ابدا, وكأنه انسان لايخطئ, وان غضبت انا او تزمرت ينزل عليا اللعنات وينهرني, ويتركني مهملة لايام وكأنه يربيني..
منذ15 عاما وانا زوجة تعيش في سلسلة من الممنوعات, ممنوعة من الخروج للعمل, ممنوعة من السلام والكلام مع اي رجل قد تجمعنا به صلة تعارف عائلي او جيرة, ممنوعة من الاعتراض او الامتعاض او التعبير عن الغضب والاستياء او رفض الاهانات المعنوية او اللفظية..
حتي علاقتنا الزوجية الحميمة اصبحت لا استمتع بها نهائيا,فهي لاتعني انه يحبني او يتواصل معي او يعمل اعتبارا للمشاعر والذكريات الحلوة بيننا, هي فقط حاجة له يقضيها, وبعيدا عن ذلك يتابع غرامياته, ويهاتف النساء في منتصف الليل.
انا حقا احسد العوانس والمطلقات,علي الاقل يتمتعن بالحرية,بينما انا لا استطيع ان انال حريتي وخائفة من الإقدام علي هذه الخطوة, خائفة من المجهول, اسأل نفسي عن شكل الحياة بدونه؟ هل فعلا سأستطيع الابتعاد والاستغناء عنه؟ وكيف سيكون المستقبل؟ انا الخائفة من المجهول, ابكي ولا اشكو لاحد غير الله, فوضت امري اليك يارب.
<< عزيزتي الزوجة الشاكية الباكية الخائفة من المجهول..
من بداية رسالتك كتبت أنك سيدة قرارك,ولا تحتاجين غير بعض كلمات قد يكون فيها التشجيع الذي يحمسك علي الإسراع بتنفيذ ما في رأسك الآن.. فإن كنت حقا تنتظرين أن اشجعك بكلماتي علي الطلاق من هذا الزوج, الذي ذكرتي فيه ــ تقريبا ــ ما ذكره مالك في الخمر, فأليك مقدما اعتذاري..
ليس لأني لاسمح الله لا اصدقك او لا اتعاطف مع معاناتك, وليس لأني من( قدامي الصحفيين) الذين كانوا في الخمسينيات وحتي السبعينيات من القرن الماضي, يجدون حرجا شديدا من نصيحة اي صاحب مشكلة او شكوي بالطلاق, خوفا علي شعبيتهم وسط جمهورهم, او خشية اللوم واتهامهم بالتشجيع علي خراب البيوت, بينما هم يوقنون في اعماقهم ان الطلاق هو الحل السلمي الوحيد الذي تبقي, لإنقاذ نفس وعقل صاحب المشكلة الذي استحالت حياته مع الطرف الآخر.
علي العكس من ذلك و مع تعاطفي وتفهمي الكامل لمشاعرك الجريحة, ومع جرأتي في اللجوء احيانا لحلول ثورية باهظة الثمن, مادمنا مضطريين او وجدنا فيها الإنقاذ الوحيد, رغم هذا كله لا انصحك بالطلاق, تعرفين لماذا؟ لأني قرأت قبل رسالتك كتاب الطبيب النفسي( جاي كارتر) وهو يجيب عليك في كتابه الأكثر شهرة ومبيعا في العالم( مالا تعرفه النساء عن الرجال سيئ الطباع), ويقول فيه:
علميا وواقعيا للمرأة قدرة أكبر علي غفران الألفاظ القاسية اكثر من الرجل, فوفقا لمرجعيتها تعلم ان الكلمات ليست علي درجة كبيرة من الاهمية الا اذا كان قائلها يعنيها, وقد قالت هي نفسها كلمات كثيرة في مناسبات كثيرة ولم تكن تعنيها حرفيا.
عكس الرجل, الكلمات تلتصق بذهنه, ولأنه منذ طفولته اعتاد ان يقيم اعماله من كلمات امه, يشعر بانتقاص وخوف ويتأثر بشدة ان سمع كلمات سلبية من زوجته بالذات, وكأن تلك الكلمات تنال من تقديره واحترامه, بشكل لايمكن التجاوز عنه, فهي تجعله فارسا فاشلا وتجرده من درعه اللامعة, في حين ان اهم ا شيء عند الرجل هو الإحساس بالتقدير والاستحسان, خاصة الذي يناله من امرأة يحبها او تشاركه حياته.
تفكير الرجل واسلوبه في فهم الاشياء, يختلف تماما عن تفكير المرأة وتفسيرها لمعاني نفس الاشياء, ومن هنا يولد الخلاف وقد يتطور الي صراع.
إحساسك بألم الاهمال والإهانة طبيعي وانساني ولكن.. يحذرك الطب النفسي من كبت مشاعرك, والخوف من المواجهة حتي النهاية, لأن صمتك الدائم سيشجعه علي الاستمرار في الاعتداء عليك, وعدم احترامك ولو امام الناس, وسيحطم ذلك أعصابك وقد يصيبك بالإكتئاب علي المدي الطويل.
ثقي بنفسك واحبيها,واستخدمي اثناء النقاش كلمات مختصرة واضحة ونبرة تأكيدية وعبري بصدق عن مشاعرك, في نفس الوقت توقفي عن العطاء بلا مقابل وبلا حدود, الي حين ينتبه بشرط تجنبي الصراخ والسب والإهانة حتي وقت الخناقات
تجنبي محاولة إشعاره بالذنب, ولا تتحدثي معه وكأنك يائسة منه, وكأنك ضحية ومنبوذة وضائعة ومكتئبة.
( هذه الأساليب تأتي بنتائج عكسية غالبا)
لا تستخدمي اسلوب التهديد والتحدي.
لا تجعلي علاقتك الحميمية معه مجالا للثأر او لعقابه وحرمانه.
لا تعتدي ولو برفع مقلاة حديد في يديك او بإلقاء الاشياء عليه( لا داعي للدهشة بعض النساء يفعلن ذلك!).
بعدها تابعي محاولاتك في تقويم سلوكه وكأنك طفل, اتعرفين ماذا يفعل الطفل؟ لا يكل.. لا يمل.. لا ييأس.. يطلب ويلح ولا يخجل من طلبه, بل يجده شرعيا ومنطقيا ومقبولا طوال الوقت.
واخيرا سيدتي الزوجة التي تحسدين المطلقات والأرامل وكل فتاة وحيدة بغير رجل, لا أريد ان اتركك قبل ان احكي لك( حدوتة) قد لا تعينك علي النوم, لكني أود ان تعينك علي التفكير:
يحكي ان سيدة في نهاية العام ذهبت لتشتري شجرة مثالية رائعة تعلق عليها زينة أعياد الميلاد وتحتفل معها بالسنة الجديدة, وطال بحث السيدة ولم تجد تلك الشجرة المثالية الرائعة التي كانت تتمناها, فأنهت بحثها الطويل بشراء شجرة جيدة ليس اكثر, وعادت بها الي منزلها, وامضت يوما كاملا فيما بعد, تزينها حتي صارت مرصعة براقة جاهزة لاحتلال صدارة البيت في حفل رأس السنة الجديدة.. قبل الحفل بيومين اتصل بائع محل الورد والنباتات واخبر السيدة انه حصل علي شجرة مثالية الشكل والطول كالتي كانت تسأل عنها, وخرجت السيدة بالفعل وذهبت لتراها فوجدتها مثالية ورائعة وكما تتمني فعلا.. لكنها لم تشتريها, لانها تعبت في تزيين الشجرة التي امتلكتها ووضعتها في بيتها من قبل.. في النهاية شكرت البائع وانصرفت واكتفت بما عندها في البيت!
وكذلك انت سيدتي, قد لا تملكين الرجل المثالي الرائع, لكن يكفيك انه رجلك, وانك بدأتي معه قصتك بالحب ولك معه ذكريات حلوة كما ذكرتي في رسالتك, ويكفي انك تعبتي معه وشاركتيه مشوارا طويلا واياما صعبة حتي وصل الي ما هو عليه الآن, وما يغري نساء غيرك بحبه او الزواج منه.
في قلب كل رجل( ربع خالي) ورغبة قوية في الاستقلال,لا تجعليها تخيفك, بل تفهيها في سياقها, وكوني واثقة انه يتمسك بك لكنه يسيء التعبير ولا يحسن التصرف, ان كان العمل سيسعدك حاولي معه مجددا, وغالبا ستنجحين وسيخفف ذلك من استيائك, وحتي تعاودين إحساسك الإيجابي بالحياة, استمتعي بالشجرة التي في بيتك, وانس امر شجرة عيد الميلاد المثالية الرائعة, سيعوضك الله خيرا.