كفكفت دموعي وأصررت هذه المرة أن أكتب لك بعد صراع طويل مع نفسي, لكني اريد حل مشكلتي، انا امرأة نشات في عائله محافظة واب اشهد له بالكرم والشدة والقسوة معا.
كنت اتجنبه منعا للصدام بيننا في الايام القليلة التي كان يقضيها معنا كل شهر بحكم ظروف عمله, وهي ايام سيئة كنت احبس فيها نفسي داخل غرفتي, فقد اعتدت غيابه وحل مشاكلي دون اخباره.. تعودت علي اليتم وحرمان الأب وهو قيد الحياة
وبرغم نشأتي المحافظة حين وصل عمري الي21 عاما وكنت علي قدر من الجمال وحلاوة اللسان احببت رجلا رائعا يكبرني بــ10 سنوات وجدت فيه الطيبه والحنان والوفاء وايضا النجاح في عمله فهو مهندس شهم وابن بلد واطماننت لمستقبلي معه ودعوت الله كثيرا ان يجمع بيننا علي خير, لكنه مثل الكثير ممن تحطمهم بلدنا. فرضت عليه ضرائب باهظه بتقدير جزافي افقدته كل مايملك تقريبا حتي اضطر للاستدانة وكتب وصولات امانة وشيكات وحجزت الضرائب علي مشروعه وبعد مهاترات اضطر للسفر و الهرب حتي يجدول ويسدد الديون بعيدا عن اسوار السجن.
وحتي في اثناء هذه المحنة اقتربنا كثيرا من بعضنا, كنا نسهر نتحدث في الهاتف ليلا وتطورت علاقتنا علي اعتبار انه زوج المستقبل الذي احبه واعيش لاجله
ولا تقولي لي سيدتي اني مخطئه وانه لن يتزوجني لتساهلي معه ولانه شرقي ومثل هذا الكلام فانا اعرفه جيدا وليس العكس فليس عندي شك في هذا,
وبدون الخوض في تفاصيل, علم والدي بحبي له وضربني علقة موت وحبسني في المنزل واضطرني لترك عملي حتي اني لم اخذ باقي حسابي حتي الآن, وتعقدت المشكلة حين اضطروني للزواج باول طارق للباب وكان رجل طيب اكبر مني بـ20 عاما لم يسبق له الزواج وتم الزفاف بعد اقل من ثلاثة اشهر بدون خطوبة او فرح فلقد عمد اهلي قتل مظاهر البهجه والفرح وطمس معالمها لتأديبي وفي وقت قصير وجدت نفسي مع هذا الغريب في منزل واحد وسلمت له جسدي, بينما قلبي كان مع رجل اخر وكلما اغمضت عيني رأيته امامي, وبكيت كثيرا علي ضياع أحلامي.
كثيرا ماصببت غضبي علي زوجي( بدون سبب) فاجده صبور رحب الصدر وكثيرا ما بكيت في الخفاء حتي اشعر بالإعياء, صرت لا املك سوي صلاتي ودموعي لتخفيف حملي, أخذت اقراصا لمنع الحمل فترة من بعد زواجي حتي لا يربطني شيء بالرجل الذي تزوجته, وحتي أنفصل عنه وأتزوج ممن أحب.
يمر الوقت وانا اتصل بحبيبي هاتفيا فقط ولم اترك له نفسي برغم الحاجة, أخشي علي سمعتي وعقاب الزنا فلم استطع الخيانة حتي الآن وايضا لا استطيع اقطع صلتي تماما به, فكيف احرم نفسي من سماع صوته كما حرمتني الايام من رؤيته؟.
حاليا لا استطيع الطلاق وهدم البيت خصوصا بعد الإنجاب الذي حدث بأثر طول مدة الزواج وضغوط الأهل والظروف.
واخيرا سيدتي نفد صبري مع التحسن المادي الذي انجزه الرجل الذي احبه, واقتراب موعد سفر زوجي لاول مرة خارج البلاد في الوقت نفسه.. فهل سيفسح سفره مجالا لعلاقتي بالآخر, الذي كان من قبل فارس احلامي؟ لا ادري.. خاصة و انا افقد صحتي وقوتي واجمل ايام عمري, حتي نحلت كثيرا واصبحت اتعاطي ادوية مضادة للاكتئاب
ادعو ربي كثيرا ان يريح بالي ويرحمني من عذابي فماذا افعل بعد مرور3 سنوات من زواجي وحرماني؟
<< عزيزتي الزوجة الشابة والأم حديثة الامومة, التي تتعاطي ادوية مضادة للاكتئاب حزنا وكمدا علي فارس احلامها القديم..
اود ان اصارحك انني فكرت مليا في تجاهل رسالتك وعدم نشرها من الأساس, وهكذا عادة يكون احساسي, نحو كل رسالة, اشعر ان صاحبها يريد ان يكذب علي نفسه او يخادع الآخرين ويبدو في القصة كضحية, بينما هو مرتكب الجريمة والفاعل الاصلي(!)
وصراحة لا اتعاطف مع من يتخذ موقفا لا أخلاقيا ولا إنسانيا من الحياة وممن حوله, وعن عمد لا يبالي الا برغباته و نفسه, ويستهين بكل انانية بمصالح ومشاعراقرب الناس اليه, ثم يأتي ليذرف دموعه فوق السطور مبديا منتهي رقة العواطف, طالبا المساعدة والمساندة والحل, وكأنه يبحث عندنا عن( مبرر درامي) او اعتراف, يرفع عنه الحرج في قضية هي من الأصل, خاسرة وتفتقد اي غطاء من الاخلاق او الحق او الخير, الذي يستطيع ان يحمي صاحبه أو يجعله في مأمن من العقاب و الازدراء.
دون أن اطيل عليك وعلي قراء الصفحة الكرام, اعدت النظر في الرسالة اكثر من مرة, ووجدت لها ثغرة, قد تجلب لها انسانية التعاطف الذي تستحقه أم وزوجة في ورطة وتبحث عن كلمة تدفع عنها خراب بيتها.
كلنا بشر وكلنا خطاؤون, وحتي الذين أسرفوا علي انفسهم يمد الله أمامهم طريقا للعودة والتوبة ويفتح أمامهم للصلح بابا.
الحلال بين والحرام بين, لذا لن اتحدث اليك بلغة الواعظ, وأحسبك تعرفين جيدا اي طريق ينتهي بالجنة واي طريق ينتهي بالنار.
أنت الآن وبنفسك, تكتبين لي, وكأنك تقفين علي جمر النار.. فأحذري انك علي مشارف الطريق الخطأ.
من بين سطور رسالتك, ظهرت شخصية الأب الغائب والتربية القاسية, التي قد تقهر النفس وتورث الانسان الخوف والكذب والنفاق, وقد تجعل في الأعماق ضعفا خاصا نحو الكلمة الحلوة وظمأ شديدا للحنان والتعاطف والحب, لدرجة قد لا يميز فيها الظمآن ما بين السم والترياق من شدة احتياجه وظمئه, واغلب الظن هذا ما حدث معك.
ولكن حتي بمنطق العواطف والحب كيف تأمنين كامرأة لرجل, يلح عليك لتقيمين معه علاقة وأنت أم وزوجة علي ذمة رجل آخر, أنت نفسك شهدتي له بطيبة الاخلاق والحلم و اتساع الصدر و كرم الطباع ؟
حتي بمنطق العواطف والحب كيف تجدين الامان كامرأة مع رجل هرب من بلده و في عنقه اموال الدائنين التي لم يسددها بعد؟
هل علاقته بك قبل وبعد زواجك و تعاملاته المادية المريبة و طلباته وردود أفعاله الجبانة المشينة, لا تستوقفك و لو للتفكير قليلا؟
هل تخونين زوجا مسافرا, وتجازفين ببيتك وابنك من اجل نصاب هارب؟ عن أي فارس أحلام تتحدثين؟
انا لا اعرف فارسا يهرب؟ ولا اعترف بأحلام تختبئ في الظلام وتتواري من العلنية, ولا رصيد لها من الشرف ولا الشرعية؟
كيف سترعي السماء حبا يطعن زوجا مسافرا في ظهره؟
أنت تريدين الزواج والبيت والانجاب والامومة والحب القديم معا, تريدين كل شئ دون ان تفلتي من يدك اي شيء, فمن اخبرك ان الحياة سعادة مجانية بلا تكلفة ولا ثمن ولا تضحية ؟
انتبهي لنفسك واحذري الوهم والانانية المفرطة واحذري اكثر ان تحجزي لنفسك كل مرة مقعدا ثابتا, في المكان المخصص للمظلومين والضحايا!
اتمني لك راحة البال و الستر و نعمة التصالح مع النفس و الحياة.