حكم تاريخى للقضاء الإدارى.. العلاج المجانى حق للمرضى غير القادرين حتى فى فترات تعطيل الدستور.. الرعاية الصحية من الحقوق الدستورية الأصيلة حتى لو خلا منها الإعلان الدستورى للرئيس عدلى منصور
الأربعاء، 28 أغسطس 2013 - 14:21
أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، فى حكم تاريخى لها لصالح المرضى من الفقراء وغير القادرين على العلاج المجانى لهم، حتى ولو كان الدستور الصادر فى 25 ديسمبر 2012 معطلا بموجب بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الصادر فى 3 يوليو 2013، وأن الإعلان الدستورى الصادر من الرئيس المؤقت للبلاد فى 8 يونيو الماضى قد خلا من النص على الرعاية الصحية للمواطنين غير القادرين مجانا، على الرغم من أن الرعاية الصحية من الحقوق الدستورية الأصيلة التى تشملها الإعلانات الدستورية العالمية التى توضع فى كل وقت ولو عقب الثورات، وإن الإغراق فى معالجة الحقوق السياسية للمواطنين فى الإعلان الدستورى المشار إليه كان لا يجب أن يحرم المواطنين من حقوقهم الاجتماعية، وعلى قمتها الرعاية الصحية والعلاج المجانى لغير القادرين خلال الفترة الانتقالية، مما لا مناص معه للمحكمة من الرجوع إلى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى وافقت عليها مصر، حتى لا تتعرض حياة المواطنين للخطر والهلاك، ذلك أن الحق فى الحياة يجب أن يسمو على أى حق آخر.
وقضت المحكمة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى وخالد جابر نائبى رئيس مجلس الدولة، بإلزام الدولة بعلاج عشرة مواطنين مجانا من بينهم ثمانية سيدات يعانون من تصلبات متعددة بالنخاع الشوكى وتليف فى الجهاز العصبى، وعرض حالتهم الصحية على الطبيب المختص دوريا، وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان، وألزمت الحكومة المصروفات.
وقالت المحكمة، إن الرعاية الصحية للمواطنين والعلاج المجانى لغير القادرين من حقوق الإنسان، وهى من أخص الواجبات المفروضة على الدول لكافة الشعوب، وحرصت الدساتير والإعلانات الدستورية على النص عليه بحسبانها على القمة من الحقوق الاجتماعية، وإن خلو الإعلان الدستورى الصادر فى 8 يونيو الماضى من النص عليه لا يحول دون علاج المواطنين، رغم الإغراق فى ذكر الحقوق السياسية فيه، مما لا مناص معه للمحكمة من الرجوع إلى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، والذى نص على وجوب الرعاية الصحية، وأنه بموجب الفقرة الأولى من المادة 25 منه لا يجوز لأية دولة أو جماعة أو فرد فى القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه، كما أنه بموجب المادة 12 من الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16 ديسمبر 1966، ووقعت عليها مصر فى 4 أغسطس 1967، وصدر قرار جمهورى مصرى رقم 537 لسنة 1981 بالموافقة عليها، ومن ثم أضحت قانونا من قوانينها أنه يتعين على الدول الأطراف فى هذه الاتفاقية تقرير التمتع لكل إنسان بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والعقلية، وتأمين الخدمات الطبية للجميع فى حالة المرض، وعليها وقاية وعلاج ومكافحة الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية.
وأضافت المحكمة أن الامتناع عن علاج غير القادرين مجانا، بحجة أن مصر تمر بمرحلة انتقالية بعد 30 يونيه 2013، وأن الإعلان الدستورى الجديد خلا من النص على إلزام الدولة عليه، وأن الدستور الصادر فى 25 ديسمبر2012 معطل، ومن شأنه أن يؤدى إلى تعريض حياة المواطنين للخطر، ومن ثم يلزم على الدولة مواجهته لما فيه من مساس بحق الإنسان فى الحياة، مما يتوجب معه على الدولة بذل العناية اللازمة لتخفيف آلام المرض العضال للمواطنين، بحسبان أن ذلك الحق من واجب حقوق الإنسان.
وأشارت المحكمة إلى أنه يجب مراعاة "ومصر بصدد مرحلة جديدة فى البناء الديمقراطى" أن العبرة ليست بالنصوص الدستورية فى ذاتها، بل بتطبيقاتها فى الحياة العملية، وأن المحكمة أصدرت مئات الأحكام فى ظل النظام السابق بعلاج غير القادرين مجانا، رغم أن الدستور حينذاك كان ينص عليه مما جعل هؤلاء البسطاء معرضين للجفوة من النظام، وهو ما يوجب على المسئولين فى المرحلة الجديدة مراعاة ثقافة احترام تطبيقات الحقوق الدستورية، ذلك أن إرادة الشعوب وقدرتها على التمسك بهذه الحقوق، وإرغام الحكومات على احترامها، وعدم المساس بها، هو انتصار لحقوق الإنسان، ويجب التأكيد عليها فى الدساتير وإعلاناتها.
كما قضت المحكمة بذات الجلسة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس المحكمة، بإلزام الدولة بتركيب دعامتين بالشريان التاجى الأمامى الأيسر والجانبى لأحد المواطنين بإدارة غرب التعليمية طلبت منه الدولة 20 ألف جنيه لإجرائها، وأمرت المحكمة الحكومة بإجرائها مجانا باعتبار المدعى من غير القادرين.