فى مصادفة نادرة الحدوث، تبدأ اليوم فى أكاديمية الشرطة محاكمة قادة فى نظامى الرئيس المخلوع حسنى مبارك، والمعزول محمد مرسى، وسط مخاوف من ردود انتقامية من متشددين إسلاميين متحالفين مع جماعة الإخوان التى ينتمى إليها مرسى.
ومن بين من ستجرى محاكمتهم مبارك نفسه، ونجلاه علاء وجمال، ووزير داخليته حبيب العادلى ومن جماعة الإخوان مرشد الجماعة محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر وعضو مكتب الإرشاد رشاد البيومى، وأربعة قيادات إخوانية أخرى.
وتحاكم قادة جماعة الإخوان، التى تولت الحكم بعد سقوط نظام مبارك، فى دائرة قضائية بتهم منها التحريض والشروع فى قتل متظاهرين مناوئين لحكم الإخوان يوم 30 يونيو الماضى، أمام مقر مكتب الإرشاد فى المقطم، بينما تجرى محاكمة مبارك ونجليه ووزير داخليته فى دائرة أخرى فى نفس الموقع، فى عدة قضايا أهمها يتعلق بقتل متظاهرين وارتكاب فساد واستغلال نفوذ وتسهيل الاستيلاء على أموال من ميزانية الدولة فى القضية المعروفة إعلاميا باسم قصور الرئاسة، ويحاكم حبيب العادلى، وزير الداخلية فى عهد مبارك، فى قضية كسب غير مشروع. ويأتى ذلك وسط ملاحقات أمنية لعدد كبير من القيادات العليا والوسطى فى جماعة الإخوان بينها المرشد المؤقت محمود عزت.
وقال الفقيه الدستورى والبرلمانى السابق الدكتور شوقى السيد إنه يجب عدم الاكتفاء باللجوء للمحاكمات، وإنما تفعيل قانون العزل السياسى ضد الإخوان وحزبها (الحرية والعدالة) والحزب الوطنى المنحل الذى كان يرأسه مبارك.
وأضاف السيد، فى تصريحات أمس "إن محاكمة قيادات الإخوان والرئيس المخلوع مبارك، ستتم فى دائرتين لكن فى مكان واحد بأكاديمية الشرطة، إلا إذا رأى وزير العدل غير ذلك لظروف أمنية، وهذا من حقه"، لافتا إلى أنه سبق أن جرت محاكمة مبارك ورجال نظامه فى الأكاديمية التى تقع فى منطقة يسهل تأمينها والسيطرة على أى أعمال غير متوقعة فى محيطها. كما يوجد فيها مهبط للمروحيات التى كانت تنقل مبارك منذ بداية محاكمته فى عام 2011.
وعما إذا كان التاريخ المصرى شهد محاكمات واسعة لقيادات كثيرة من الإخوان، قال السيد: "تاريخ الإخوان يؤكد أن هناك جرائم إرهاب واغتيالات متعددة منذ إنشاء الجماعة عام 1928"، مضيفا أنه فى عام 1948 كتب وكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار (فى ذلك الوقت) تقريرا مفصلا لبيان الجرائم والاغتيالات التى حدثت من الإخوان، مما أدى إلى حل الجماعة فى تلك السنة بقرار صادر من رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، محمود فهمى النقراشى، وهذا ما أدى بالإخوان إلى اغتيال أحمد بك الخازندار وكيل محكمة القاهرة سابقا.
وأوضح السيد أن ما حدث من جماعة الإخوان فى الفترة الأخيرة هو صور من مشاهد التاريخ القديم، لكنها كانت أكثر عنفا وأكثر ضراوة، لأنها كانت بعد وصولهم إلى الحكم، ثم الثورة عليهم وعزل مرسى.
وتابع قائلا "أنا أرى أن التجريم والعقاب ليس هو نهاية المطاف، ويجب تفعيل قانون الغدر الذى صدر فى بداية الخمسينات وعدل اسمه عام 2011 إلى قانون إفساد الحياة السياسية، لكى يطبق على الإخوان وحزب الحرية والعدالة (الإخوانى) والحزب الوطنى (المنحل) الذى كان يرأسه مبارك، لأن هذا يؤدى للعزل السياسى وعدم جواز الترشح فى الانتخابات لمدة خمس سنوات"، مضيفا أنه ليس بالضرورة أن يقدموا كلهم للمحاكمات الجنائية ولكن لابد أن يتم تفعيل القانون لإبعادهم عن الحياة السياسية لفترة.
من جانبه حذر منتصر الزيات، محامى الإسلاميين، من أن يؤدى المناخ الحالى لظهور جيل جديد من المتطرفين، مضيفا أن توقيف بديع يعد الثالث لرجل يشغل موقع مرشد الجماعة، حيث سبق اعتقال كل من حسن الهضيبى وعمر التلمسانى فى عهدى جمال عبد الناصر وأنور السادات.
وأشار الزيات إلى أن منصب المرشد كان غير مسموح الاقتراب منه فى عهد مبارك، طيلة نحو 30 سنة، وكانت عمليات الملاحقة والقبض تجرى بحق قيادات الجماعة ما عدا المرشد.
وقلل الزيات من أى ردود فعل متوقعة من جانب الإخوان على محاكمة بديع، كما كان الأمر أيام محاكمة الهضيبى والتلمسانى، مشيرا إلى أن الجماعة عقب توقيف الهضيبى والتلمسانى لم تكن لديها ردود فعل عنيفة تذكر. "ربما بسبب حالة الاستضعاف التى كانت تمر بها الجماعة، حيث لم تكن حالتها تسمح بالرد حينذاك".
وفى ما يتعلق بردود الفعل المتوقعة بشأن محاكمة بديع، قال الزيات أيضا: "لا أعتقد أن تحدث ردود فعل عنيفة، لكن أخشى من أن يفرز المناخ العام السائد بعض المتطرفين الجدد سواء من الإخوان أو من غير الإخوان"، مضيفا أن المناخ القهرى لا يستوعب العناصر الموجودة فى المجتمع، قائلا: "أخشى أن يصنع متطرفون جدد هذا المناخ، فهو الذى يغذى التطرف، خاصة من العناصر الشبابية".
وقالت مصادر أمنية إن عدد المقبوض عليهم حتى الآن من القيادات العليا والوسطى من القاهرة والمحافظات يزيد على 2000 شخص، بينهم مديرون للمكاتب الإدارية التى كانت تتولى عمليات الإنفاق والإعاشة لأنصار الإخوان والتحريض على العنف وقطع الطرق.