أصر على الاعتذار ليس هروباً من مواجهة لأني لا أعرف غير المواجهات ولكنه مراعاة لله وحفاظاً على الكرامة
ملف القضية يحوي تداعيات خطيرة تمس السلطة التنفيذية وقياداتها وإنني لا يمكن أن أخالف ضميري كمصري وكقاضي
أعلن
المستشار على عمارة رئيس الدائرة الرابعة جنايات الإسماعيلية عن التحقيقات
التحي عن التحقيق في أحداث مذبحة بورسعيد وتنشر البداية نص مذكرة التنحي
التي تقدم بها لرئيس محكمة استئناف الإسماعيلية مؤكدا فيها أنه لن يخالف
ضميره وأن القضاء لن يكون أداة في يد رأس الدولة .. مشيرا إلى أن ملف
القضية يحوي تداعيات خطيرة تمس السلطة التنفيذية وقياداتها.
وإلى نص المذكرة :
السيد الأستاذ / رئيس استئناف رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية .
تحية طيبة عادلة وبعد ،،
مقدمه ،،
إن مصر اليوم ليست مصر التي أعرفها وعشت فيها عمراً ليس بالقليل ، فليست
أبى الذي كان يعلمني ويرشدني وليست أمي التي كانت تعطف على وتحنو وليس بيتي
الذي كنت أنام فيه مطمئناً والباب مفتوحاً ..لم تعد مصر كما عهدناها، فلا
هيبة ولا وقاراً ولا قوة ولا احتراما ـ بل قل لا دولة ـ فلم يعد هناك شيء
حلو بل أصبحنا نعيش كي نلعق المرار .
وبعد ...
إنني منذ بداية عام 1995 وطوال ثمانية عشر عاماً أعمل بسلك القضاء وفى رحاب
العدالة، ولقد عشت فيه بكل جوارحي وتعلمت فيه ما تربيت عليه من احترام
وعزة وكرامة وعدل، وعرفت أن القاضي الحق هو من تتشرف به منصة القضاء وليس
العكس ، ولقد عشت بين صفوف القضاة وتعلمت تقاليد القضاء ولم أكن يوماً
لأخرج عنها ولكنى لم أكن يوماً لأتخيل ما يحدث الآن في مصر ـ وتبعاً في
القضاء ـ حيث أن سيادتكم قد أصدرتم القرار رقم 16 لسنة 2013 بانتدابي
وزملائي كقاضي للتحقيق فيما شهدته مدينة بورسعيد من أحداث أيام 26 و 27 و
28 يناير لسنة 2013 في أعقاب صدور الحكم بالإحالة لفضيلة المفتى على
المتهمين في قضية إستاد بورسعيد ، وبالفعل باشرت التحقيق وزملائي ، إلا إنه
ونظراً لما تمر به البلاد من ظروف عصيبة علينا جميعاً كمصريين وعلينا
كقضاة لم نعتادها من قبل من إهانات ودعاوى تطهير لا أساس لها ، ومحاولة بث
الشك في نفوس المواطنين تجاه قضائهم العادل والتعدي على القضاة بما لا يليق
وممن لا يعلم وتحت سمع وبصر ورعاية السلطة التنفيذية وحماية رئيسها السيد
الدكتور رئيس الجمهورية والذي من واجباته احترام الدستور والقانون ورعاية
مصالح الشعب والفصل بين السلطات كما أقسم بذلك ثلاث مرات والله أعلم
بالنوايا .
فهل الفصل بين السلطات يطبق علينا فقط كقضاة دون غيرنا ؟ وهل يكون الفصل
بأن نستجيب كما استجبنا لتوصيات السيد الرئيس بعد الاجتماع مع مجلسنا
الأعلى دون أن تستجيب السلطات الأخرى ؟!!! فكفانا مزاحاً وهراءً ولعباً
بنا ، فنحن لم ولن نكون أداة في يد السيد الدكتور بصفته رأس الدولة أو غيره
، فإن كان أحدهم أو كلهم لا يملك قراره فنحن نملك قرارنا .
لذلك
أتقدم لسيادتكم باعتذاري هذا عن استكمال العمل في التحقيق في هذه القضية
نظراً لما سبق ، وكذا لما يحويها ملفها من تداعيات خطيرة تمس السلطة
التنفيذية وقياداتها ، وإنني لا يمكن أن أخالف ضميري كمصري أولاً وكقاضي
ثانياً لا بفعل إيجابي ولا بفعل سلبي ، ونظراً لما يحدق ويدبر لنا وبنا
الآن من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية وبرعاية السيد الدكتور الرئيس ،
فإنني أصر على هذا الاعتذار مؤكداً أيضا لسيادتكم إنه ليس هروباً من
مواجهة لأنني لا أعرف غير المواجهات ولكنه مراعاة لله وحفاظاً على الكرامة
شاكراً لسيادتكم ثقتكم الغالية في شخصي ومتمنياً التوفيق لزملائي أملاً أن
يزيح الله الغمامة عن مصر وشعبها وقضائها .
وأختم بقوله تعالى ..
( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علنيا إصراً كما
حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ، وأعفو عنا
وأغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) صدق الله
العظيم .
مقدمه لسيادتكم المستشار / على عمارة .. عضو الدائرة الرابعة جنايات المقر بالإسماعيلية .
التوقيع /
تحريراً في 21/5/2013