«يحرص على تناول طعام الغذاء مع عدد من الأسر المصرية من مختلف أحياء القاهرة ليشاركهم الاحتفال بعيد الأضحى المبارك». هذا هو نص الخبر الذى نُشر على الصفحة الرسمية للدكتور محمد مرسى على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» وتناقلته معظم وسائل الإعلام، مصحوباً بأربع صور للقاء.
زوار الصفحة علقوا على الخبر والصور بتباين واضح، بعضهم اعتبر عزومة الرئيس «شو إعلامى» على نهج الرئيس السابق، فيما رأى آخرون أنها لفتة إنسانية تحدث لأول مرة فى تاريخ مصر، وفريق ثالث شكك فى مصداقية الحدث من أساسه.
«الوطن» حاولت التوصل إلى كواليس اللقاء، الذى حضره عدد من الأسر، وغابت عنه أسر أخرى، وعدتها جمعيات أهلية، على اتصال بمؤسسة الرئاسة، بالحضور.
توجهنا إلى أكبر جمعيتين فى مجال المساعدات «رسالة» و«الأورمان» فنفت كل منهما بشكل قاطع مشاركتها فى الزيارة أو التدخل فيها، وعند محاولة التواصل مع رئاسة الجمهورية جاء رد الدكتور أحمد عبدالعاطى مدير مكتب رئيس الجمهورية نصاً: «انتو بتقلّبوا فى الموضوع ده ليه.. هتستفيدوا إيه يعنى؟»، مؤكداً أن جمعيات خيرية كانت قائمة على الأمر ولا يمكنه الإفصاح عن هويتها أو اسمها، لكن المكتب الإعلامى للرئيس أمدنا بأسماء جمعيتين من تلك الجمعيات التى رشحت الأسر الفقيرة للرئاسة، الأولى هى «بيت العيلة» المهتمة بشئون الأسرة وتيسير الزواج، والمشهرة حديثاً (بعد الثورة) وتتعاون مع حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين فى كل أنشطتها، وسبق لرجل الأعمال حسن مالك حضور احتفالاتها، كما سبق لقرينة الرئيس أن حضرت إحدى حفلات الزفاف الجماعى بها، وأرسل لها الرئيس باقة ورد لتهنئة العرسان، أما الجمعية الثانية فهى «زُمرة أهل الجنة» ويرأس مجلس إدارتها الدكتور أحمد دياب عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الحرية والعدالة بالقليوبية.
وعندما حاولنا التأكد من تلك المعلومات من مصدر رئاسى مطلع، كان الرد هذه المرة قاطعاً: «الرئاسة ستنشر تفاصيل اللقاء والتجهيز له وأسماء الجمعيات التى تعاونت لاحقاً».
مجدى شعبان، مسئول منطقة «الهايكستب» فى جمعية «زمرة أهل الجنة»، أكد أن مسئولاً أكبر فى الجمعية أبلغه بطلب الرئاسة تجهيز عدد من الأسر الفقيرة، لحضور مأدبة غداء مع الرئيس، فى أول أيام عيد الأضحى بقصر الرئاسة، ويقول: «يوم الوقفة كلمت 5 أسر معدمين ورحبوا بالدعوة طبعاً وظلوا منتظرين لحد الصبح»، ويضيف أنه سلم مسئول الجمعية أرقام هواتف الأسر الخمس التى اختارها بعناية من بين 125 أسرة ترعاها الجمعية، وأبلغهم بانتظار اتصال مندوب الرئاسة، لكن أحداً لم يتصل بهم، فاضطر معهم للانتظار إلى ما بعد صلاة الجمعة ولم يتصل أحد أيضاً، مما وضعه فى موقف محرج، وأشار إلى أن «الإحراج سببه هو (عشم الغلابة) وأنى أخبرتهم قبل ساعات من اللقاء أنه مؤكد، وقلت لهم: متخافوش هتقابلوا الريس وهيساعدكم فى مشاكلكم»، لذلك يلتمس الرجل العذر لتلك الأسر التى اتهمته بخداعهم والكذب عليهم. أما السبب الوحيد الذى برر به «شعبان» إلغاء اللقاء، فهو أن العدد قد يكون كبيراً، وأن الاختيار له أسس قد تغيب عنه.
الحاجة «سعيدة عبدالنبى» ستينية العمر، مريضة بسرطان العظام، ظلت منتظرة إلى جوار التليفون، حسب تعليمات مسئول الجمعية، لكن دون جدوى، ولم يكلمها أحد من الرئاسة، وضاع أملها فى لقاء الرئيس الذى كانت تعول عليه فى حل مشكلتها، فهى تسكن فى عشش عزبة الإخلاص، الواقعة على شريط السكة الحديد، بمنطقة «الهايكستب»، وتغالب دموعها وهى تحكى عن ضيق حال ولدها الذى يعول 4 أبناء وكانت تنتوى أن تطلب من الرئيس رفع معاشها الذى لا يتخطى 400 جنيه.
«رضا عبدالمنعم» أرملة كانت من بين المختارات للقاء الرئيس، تعمل فى أحد مصانع الجلود، من 7 ونصف صباحاً حتى 7 ونصف مساء، يومياً، وراتبها الشهرى 425 جنيهاً فقط، لا يكفى مصاريفها هى وأولادها الثلاثة بالطبع، وعندما علمت باختيارها، من بين من سيلتقون الرئيس كانت تعتزم مطالبته بتخصيص معاش يكفيها مد يدها للآخرين طلباً للمساعدة.
نفس الأمر تكرر مع نجوى فاروق التى تسكن منطقة «العشش» العشوائية، وتقول «لما عرفت إنى هقابل الريس قلت ياما أنت كريم يارب، بس استنيت حد يكلمنى ومحدش اتصل»، السيدة الأربعينية لا تحلم سوى بـ«كشك» صغير يؤوى زوجها المعاق الذى يقف على «نصبة» لبيع السجائر بموقف ميكروباصات «العاشر»، وتقول «كنت ممكن أطلب منه ينقلنا مكان غير اللى أنا عايشه فيه أنا وجوزى وأولادى الثلاثة بدون مرافق، لا نور ولا ميّه ولا مجارى»، وتختتم كلامها بالقول: «الحمد لله. منعرفش الخير فين».