أسعار الذهب تشتعل والتجار يطالبون الحكومة بطرح أعيرة لإنقاذ السوق
اشتعلت أسعار الذهب محليًا وعالميًا، بعد أن سجلت قفزات كبيرة خلال الأيام الأخيرة، مدفوعة باهتمام المستثمرين به كملاذ آمن للاستثمار في ظل مخاوف من تعرض الاقتصاد العالمي لحالة من الركود، بفعل أزمة الديون المزدوجة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. أعيرة جديدة وأكد الدكتور وصفى أمين, رئيس الشعبة العامة للذهب باتحاد الغرف التجارية، أن الغرفة بصدد رفع مذكرة إلى مصلحة الدمغة والموازين التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي تطالب فيها بإصدار قرار بإنتاج أختام عيارات 12 و14، لطرحها في الأسواق. وقال أمين إن ارتفاع أسعار الذهب «دفع شرائح عديدة من العملاء إلى التوجه إلى ما يعرف بالذهب الصيني، كبديل للمشغولات الذهبية، علمًا بأن الإكسسوارات الصينية مصنعة من المعادن الأكثر رداءة، غير أنه يتم طلاؤه بماء يشبه الذهب لإعطائه مظهرًا جذابًا». وتوقع أمين موافقة مصلحة الدمغة على إنتاج الأختام الخاصة بالأعيرة في ظل ظروف السوق الحالية التي تعاني الركود بفعل ارتفاع الأسعار بشكل كبير. ورجح لجوء تجار الذهب إلى طرح عيارات 12 و14 مع قرب حلول عيد الفطر المبارك، لجذب المواطنين للشراء، مشيرا إلى أن عيار 14، يدور في حدود 209 جنيهات وعيار 12 بنحو 178 جنيهًا بالأسعار الحالية، مما يغرى شرائح من العملاء، خاصة المقبلين على الزواج. من جانبه، توقع صلاح عبد الهادي، رئيس شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية، أن تساهم فكرة طرح الأعيرة الجديدة في تحريك السوق. وأضاف عبد الهادي، أن المشغولات الذهبية الموجهة للسياحة كانت تصنع من العيار 18، مشيرا إلي أنه يمكن تصنيع مشغولات من عيار 12 و14 للسائحين. وأصابت حالة الركود التي تسيطر على غالبية القطاعات الاقتصادية وعدم الاستقرار الأمني، منطقة الصاغة بالقاهرة بنوع من الجمود في حركة البيع والشراء. وسجلت أسعار الذهب عيار 24 نحو 352 جنيهًا، وعيار 21 حوالي 308 جنيهات، وعيار 18 نحو 264 جنيهًا، بينما وصل الجنيه الذهب إلي 2484 جنيهًا. سوق راكدة وفي جولة ميدانية لـ«المصري اليوم» في منطقة الصاغة التي تضم أكثر من 67 محلًا، قال طارق محمد، تاجر مشغولات ذهبية، إن حركة البيع والشراء «منعدمة تمامًا بسبب ارتفاع أسعار المعدن النفيس، لعدم إحساس المواطن بالأمن والاستقرار لنزول الصاغة بأمواله لشراء الذهب»، مشيرا إلي أن هذه الأوضاع تسببت في خسائر فادحة لجميع التجار. وأشار هشام ميخائيل، تاجر ذهب، إلي أن تجار الجملة بالصاغة يطرحون المشغولات لصغار التجار، دون تحصيل ثمنها مقدمًا كما كان معمولًا به في السابق والاكتفاء بتحصيلها بعد البيع لمساعدتهم على تحريك السوق. وأضاف ميخائيل أن معظم التجار لجأوا إلى تقليص المعروض وتسريح بعض العمالة لانخفاض القوه الشرائية بنحو 50% حسب تقديره، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. الاستثمار ذهباً وشهدت أسعار الذهب العالمية تطورًا خلال الأسبوع الجاري، لتندفع إلى الارتفاع وتسجل 1910 دولارات للأوقية، مقابل 1700 دولار، نهاية الأسبوع الماضي. واندفع المستثمرون والمضاربون عالميا للاستثمار في السبائك الذهبية كملاذ آمن، مما زاد من قفزات المعدن، وتحولت أيضا اهتمامات شرائح من المستثمرين محليا من البورصة إلى الذهب، للاستثمار فيه في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية العالمية والمحلية. وقال معتصم الشهيدي، عضو مجلس إدارة إحدى شركات الأوراق المالية، إن ارتفاع أسعار الذهب عالميا دفع المستثمرين بالبورصة إلى الخروج والبحث عن استثمار آمن مثل الذهب والعقارات. ولفت الدكتور ماهر خليل عضو, مجلس إدارة إحدى شركات الأوراق المالية، إن سوق الذهب تعد من أكثر الأسواق أمانا من حيث المخاطر، حيث يرتفع السعر بشكل كبير، فيما ينخفض بنسب طفيفة، مؤكدا أن للمعدن النفيس قدرة على التماسك عند مستويات مرتفعة. وتوقع خليل أن يواصل الذهب ارتفاعه في ظل استمرار الاضطرابات السياسية والاقتصادية على المستويين العالمي والمحلى، مشيرا إلي أن ذلك يأتي على حساب أسواق المال والأسهم. ورجح أن تشهد الفترة المقبلة اهتمامًا أكبر من قبل المستثمرين بالقطاعات الملموسة مثل الذهب والأصول الملموسة والعقارات. ومن جانبه، قال الدكتور هشام توفيق خبير أسواق مال، إن الوقت الحالي سواء عالميًا أو محليًا يشهد حالة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية وبالتالي، هناك ارتفاع في المخاطر ومستوياتها بشكل كبير. وأضاف أن المستثمرين يبحثون عن استثمار آمن وأكثر ربحية، مدللا على ذلك بقوله إن «رأس المال جبان»، موضحا أنه فور بدء انهيار الأسواق المالية بدأت الأموال تخرج بسرعة وتتجه نحو استثمار أكثر أمانًا مثل الذهب ومع زيادة الطلب عليه بدأت أسعاره في الارتفاع، خاصة مع انخفاض أسعار الدولار. الدولار يتراجع وتراجعت أسعار صرف الدولار أمام عدد من العملات الأجنبية عالميا، في الوقت الذي تترقب فيه الأسواق كلمة بن برنانكي, رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي), غدا الجمعة، حيث سيعطي أحدث تقييم له للاقتصاد الأمريكي، وقد يشير إلى خطوات جديدة لتنشيط النمو. وسجل الدولار أمام الين نحو 76.65 ين بعدما أعلنت اليابان عن خط ائتمان جديد لتسهيل قيام الشركات بعمليات استحواذ في الخارج وتمويل استيراد الطاقة والموارد. وتعرض اليورو وسائر العملات الحساسة للمخاطرة مثل الدولار الاسترالي لضغوط، في حين فشلت البورصات الأوروبية في الاقتداء بالمكاسب الكبيرة التي حققتها وول ستريت الليلة الماضية. ويبدو أن الاهتمام بالذهب لم يقتصر على المستثمرين الأفراد، وإنما اندفعت الحكومات، ومنها المصرية إلي الاهتمام به بعد أن أثارت بريق قفزاته اهتمامها بشكل كبير. الحكومة تبحث عن الذهب وقال المهندس عبد الله غراب، وزير البترول والثروة المعدنية, لـ«المصري اليوم» إن الطفرة الحالية في أسعار الذهب عالميا تدفع الوزارة جديا للبحث عن حوافز مشجعة لشركات التنقيب العاملة محليا للاستفادة من الطفرات المتوقعة في أسعاره عالميا. وأشار غراب، إلي أن أغلب العاملين في الصناعة يفضلون الحصول على نفقات الاستثمار، قبل تقاسم الإنتاج، فيما ينص القانون الحالي على تقاسم الإنتاج بين الشركة وهيئة الثروة المعدنية. وأضاف أن السياسات الجديدة لا تشترط أن تكون مرتبطة بتغيير القوانين بقدر تبنيها لسياسات اقتصادية ذات عائدات مجزية للشركات على الاستثمار. ولفت إليً أن تجربة منجم السكري الذي تديره شركة سنتامين مصر، تثبت أنه يمكن لمصر تحقيق عائد مناسب من مواردها الطبيعية في حالة الاستثمار الجيد ووضع حوافز مشجعة للشركات. وأوضح وزير البترول، أنه طبقا للتقارير الواردة إليه من هيئة الثروة المعدنية، فإن الأسعار المرتفعة للذهب حاليا ستساهم في تقليل فترة استرداد الشريك الأجنبي لاستثماراته في منجم السكري وبدء حصول مصر على 60% من أرباح المشروع بدءًا من شهر يناير 2012. ويستهدف منجم السكري الذي بدأ عمله في يناير 2010 الوصول بالإنتاج إلى 500 ألف أوقية سنويا. الاحتياطي الذهبي وطلب البنك المركزي المصري، مؤخرا من شركة إنتاج الذهب بالصحراء الشرقية توريد ذهب للبنك بغرض إضافته إلى الاحتياطيات. وقال مسؤول بارز في المركزي إن الشركة لم تستجب بعد لمطلب البنك الذي اشترط أن يكون الذهب عيار 24 وبنسبة نقاء 99.9%. وفي هذا السياق، أوضح هشام رامز، نائب محافظ البنك المركزي، أن الذهب المنتج محليا يحتاج إلى معالجات بالخارج للوصول لشروط البنك المركزي. وأشار رامز في تصريح لـ«المصري اليوم» إلي أن رصيد الذهب في الاحتياطي يجرى استثماره في الداخل، مشدد على أن المركزي يعمل على تعظيم قيمة هذه الاحتياطيات. ورفض الكشف عن حجم رصيد الذهب من الاحتياطيات الدولية لدى المركزي، والتي تتضمن أيضا سلة العملات الأجنبية، وحصة مصر لدى صندوق النقد الدولي منه. وقال إن البنك المركزي يضع على عاتقه أن تكون الاحتياطيات ممثلة في استثمارات ذات مخاطر منخفضة وتستطيع تحقيق عائد مقبول.
ورفض نائب محافظ المركزي، التعليق عما تردد مؤخرا من رفع البنك رصيد الذهب في الاحتياطيات الرسمية إلى نحو 3.4 مليار دولار، مقارنة بنحو 3.2 مليار دولار يناير الماضي، بزيادة 200 مليون دولار.