مش عارفة اتكلم معاه في ايه".."أسأله في إيه وأعرف الحاجات اللي عايزة أعرفها ازاي؟".. "بتقول كلمتين وتفضل ساكتة باقي الوقت".. "زهقت من السكوت بتاعنا ومش عارف نقعد مع بعض ليه طالما هانفضل ساكتين كده"..
هذه العبارات عادة ما تصدر خلال فترة الخطبة من الطرفين، يصرح كل منهما بها لأصدقائه أو المقربين إليه، معبرين بها عن الملل والصمت الذي يسود هذه الفترة ولا يجدون له حلاً، ويزداد الأمر سوءا مع طول هذه الفترة؛ خاصة مع طبيعتها التي لا تسمح بالتصريح الزائد عن المشاعر والعواطف. فإذا كنت خاطب/مخطوبة وواجهتك نفس المشكلة.. فهل سألت نفسك من قبل لماذا شرعت فترة الخطبة؟.. ولماذا تصيبك كل هذه المشاعر السلبية؟.. هل سألت نفسك عن الأحاديث التي لابد أن تتبادلها مع الطرف الآخر؟.. وما يجب وما لا يجب الحديث عنه في تلك الفترة؟.. السيد "Perfect"! الأصل في فترة الخطبة أنها اختبار لصحة الاختيار؛ هل الشخص الذي اخترته متوافق معي من الناحية المادية والعلمية والاجتماعية.. وغيرها؟، هل هو بكل صفاته ومميزاته وعيوبه يتوافق معي ويناسبني أم لا؟.. لذلك في فترة الخطبة عليك بالآتي:
لا تكن عمليا أو جافا في فترة الخطبة وتعتمد على العقل وحده، ولا تكن شاعريا رومانسيا محاولا إغراق الطرف الآخر في المشاعر العاطفية، فكلاهما غير صحيح، بل احرص على التوازن بين جناحي الخطبة (العقل والقلب).
أحيانا تشعر بالملل والسأم في فترة الخطبة بسبب "التجمل" بأن تسعى لإظهار أفضل ما لديك؛ ولكن حتى يكون الاختيار سليم والقرار بعده صائب.. حاول أن تتعامل بشكل طبيعي كما تتعامل مع غيرك من الأهل والأصدقاء، وتخلي عن الوجوه التي تضعها خافيا طبيعتك ووجهك الحقيقي.
"أنا أريد شخص مثالي".. من منا لم يحلم بتلك الكلمة في الشخص الذي سنرتبط به، ولكن عليك الحذر من ذلك الحلم، فالله خلقنا بشرا فينا من العيوب مثل ما فينا من المميزات، فحاول التعرف على كل عيوب ومميزات كل منكما جيدا، وحاول أن تتأكد هل يمكنك تحمل عيوب الطرف الآخر قبل مميزاته؟، حينها ستكون ماضياً في اختيارك على الطريق الصحيح.
يقع الكثير من الخاطبين في حيرة دائمة عن: "ما هي الأسئلة التي يجب أن أقولها حتى أتعرف على الطرف الآخر؟".. تذكر أنك لست في جلسة تحقيق بل محاولة تعرف على للشريك، وفكر في كيفية المعرفة وليس نص الأسئلة، وبالطبع المعرفة ستكون بطرق مباشرة عن طريق الحكي والتعامل والأسئلة العادية، والطرق غير المباشرة وذلك بالسؤال عنه في مكان عمله والمكان الذي يعيش فيه وسؤال الأصدقاء.. الخ.
لا تتوقع أن فترة الخطبة هي السعادة الكاملة أو التعاسة المزرية؛ بل هي حياة بها من الحلو كما بها من المر .. فتقبلها كما هي وابحث خلالها عن الوسائل الجيدة لتحل بها مشاكلك وخلافاتك.
اعرف شريكك جيدا
لكل قوم مذهب وعادة منذ الصغر.. فحاول التعرف على العادات والتقاليد الخاصة بشريك الحياة فقد تجد فيها بعض أو كثير من الاختلاف، وحاول أن تتفهمها لتمر الحياة بشكل سوي وسليم.
هل فكرت من قبل في المشاركة مع خطيبتك/خطيبك لتتعرف على الإنسان بداخله، لقد تقبلته خارجيا ولكنك لم تدخل في أعماقه.. شاركه أوقاته التي شعر فيها بالفرح في أوقات الطفولة أو المراهقة أو حتى في أوقاته الحالية، شاركه الحزن والإحباط، شاركه أحلامه وطموحاته.. حاول التعرف على شريكك الإنسان واتخذه صديق قبل أن يكون زوجا أو زوجة.
التعرف على الهويات والاهتمامات خصوصا التي تقضي بها وقت فراغك هو من الأمور الهامة التي قد تفتح مجالات عديدة للحوار بينك وبين شريكك.. ولا تكتفي فقط بالمعرفة بل حاول أن تشاركه فيها وترى الأمور بعينه، فهذا سيزيد التقارب وقد يختلف الأمر لديك كثيرا حينها.
ابحثا عن الاهتمامات المشتركة بينكما (كالقراءة أو الأنشطة الرياضية مثلا).. فقراءة كتاب أو عرض لأحد الأفلام التي أعجبت بها والبحث عن الاهتمامات المشتركة بينكما، سيساعد كثيرا على خلق جو من التقارب بينكما.
وإذا قلنا أن فترة الخطبة هي اختبار لصحة الاختيار؛ إلا أن هذا لا يعني أن نضع مشاعرنا جانبا وكأن لا وجود لها، فالتعبير عنها بكل ذوق وأدب ودون خدش للحياء أو إسفاف هو شيء ضروري جدا ويزيد من التقارب بين الطرفين.
من المهم أن تنظر لمن حولك وخصوصا لمن وجد شريك حياته سواء في الخطبة أو حتى الزواج وتتعلم من تجاربهم وتستعين وتقرأ من الخبراء في هذا المجال ولكن لا تحلم أن خطبتك ستكون بنفس الشكل، أن ترسم لنفسك السعادة أو التعاسة التي لم تأتي بعد، بل تعايش مع واقعك حتى يكرمك الله بشريك مناسب لك، ولحظتها تمتع بما لديك وحاول أن ترسم لنفسك طريق سوي في الخطبة يصل بك إلى بيتك الزوجي السعيد.
التعرف على الأهل من الأشياء الهامة جدا في تلك الفترة، فالزواج لا يعني أن سترتبط بذلك الشريك ثم تفصله تماما عن عائلته، فحاول أن تخصص وقت للتعرف أكثر على الأهل الذين أخرجوا لك ذلك الشريك.
دستور الحياة الزوجية
رسم دستور للمنزل من الأشياء الهامة في تلك الفترة؛ كيف سنعالج مشاكلنا؟، هل نعالجها سويا أم نطلب الواسطة؟، كيف سنربي أبنائنا؟.. وغيرها من القواعد الهامة التي تحتاج إلى اتفاق لتحديد الشكل الذي ستسير عليه حياتكما الزوجية بعد ذلك.
اعلم أن الله خلق كل بشي بقدر فلا تستبق الأحداث، فلا تقضي فترة الخطبة في الرومانسية والحب فهي وضعت لأسباب أخرى، ولا تستغرق في الالتزامات في فترة العقد والتي تعتبر زواج مع إيقاف التنفيذ بل حاول التعبير بكل حرية عن مشاعرك التي ضبطها في الخطبة وهكذا.. واعلم أن الحرص على رضاء الله تعالي في تلك الفترة سيجعلك تعيش حياتك سعيدا في كل وقت.
حاول أن تجلس مع نفسك قليلا وتفكر في كل المشاعر السلبية التي تواجهك في الخطبة خصوصا الملل والصمت، وابحث لنفسك عن إجابات شافية وواقعية وليست واهية.
استخارة الله عز وجل في مرحلة الاختيار هي الخطوة الأهم في مشوارك الجديد.. فاحرص عليها.
في الختام، فترة الخطبة لا يمكن أن تكون مملة، خصوصا لو كان هناك حرص من الطرفين على التعرف العميق على شريك الحياة واستكشافه، كما أنه مع الوصول إلى قرار بشأن صحة الاختيار وبدء استعدادات الزواج ينشغل الطرفان بالتجهيزات لمنزل الزوجية التي تخلق بينهما مزيد من المواقف والتجارب التي تزيد من قوة التعارف بينهما.