ملابس العيد تبكي تحن لجسد أحمد، أسامة، وسلام ...أطفال صغار نالتهم رصاصات الغدر لتجعلهم جسداً ساكناً لا يتحرك لا يقول:ها قد جاء العيد يا أمي... أين الحلوى؟ وملابسي ولعبتي الجديدة؟ "أم أسامة" والدة الأطفال الثلاثة وهي تحتضن ملابس أطفالها وتنظر لكل زاوية في غرفتهم.. لعلها تسمع صوتهم من جديد:" دائماً أسأل نفسي كيف سيأتي العيد بدون أبنائي، بدون أن أسمعهم وهم يقولون عيد سعيد ماما ويقبلوني، ستكون أيام حزينة تخلو من ضحكاتهم من حولي؟، لا أعلم ماذا سأفعل؟ فالعيد للأطفال، وهذا العيد رحل الأطفال عني".
صمتت قليلا وأشارت بيدها ودموعها تترجم كلماتها: هنا كان ينام أسامة وهذا سرير أحمد وهنالك يحتفظ سلام بألعابه، فكانت كل لعبة..كل دفتر.. قلم في الغرفة التي ارتسم عليها معالم حزن فراق الصغار تسأل أين ذهبوا.. هل سيعودون من جديد؟..
ورجعت " أم أسامة " قليلاً حيث ذكريات العيد الماضي التي حملت ابتسامة، وألعاب الأطفال قائلة: " كنت استيقظ منذ الصباح الباكر في العيد وأغسل أطفالي وألبسهم ملابس العيد، وأقدم لهم الشوكلاته التي كانوا دوما يحبونها.. وكانوا ينتظرون جدهم حيث كان يداعبهم ويمازحهم ويقدم لهم العيدية. وأضافت: لا زلت أذكر كلمات أسامة(8 سنوات) في عيد الفطر عندما قال لي: " لقد كبرت يا أمي أريد أن اركب حصاناً"، وبالفعل جعلته يركب على الحصان مع أخيه أحمد .
"بارودة"
بندقية من البلاستك بجوارها جنود صغار كانت بالقرب من سرير أسامة، حيث كان يحبها ويجمع عيديته لشراء المسدسات البلاستيكية والجيوش ذات اللون الأخضر، وعلم إخوته أن يفعلوا مثله، وكان بجوار سريره سرير سلام( 3سنوات) الذي لا زال يحتفظ بقطع الشوكلاته التي أحبها إلا انه رحل قبل أن يتناولها بينما أحمد (6 سنوات) لا يفارق والدته ويفعل مثلما تفعل ويقول لها:" ماما إذا أردتي شيئاً أنا بساعدك فيه".
"ملابس العيد"
ملابس جديدة وضعت في خزانة الأطفال تنتظر أن يأتي العيد لكي تحضن أجسادهم الصغيرة، إلا أن العيد سوف يأتي والملابس ستظل مكانها ولن تحركها أيدي الصغار .. وقالت الوالدة المكلومة: " لقد اشترى أبو أسامة ملابس العيد للأطفال وكانوا ينظرون قدوم العيد لكي يلبسوها لكنهم رحلوا بعيداً".
وبعد أن خيم الصمت لفترة أردفت قائلة:" لا أستطيع أن أنام وأنا لم أقبل أبنائي كما كنت أفعل كل ليلة قبل أن يناموا، فاليوم احتضن ملابسهم الصغيرة حيث أجد فيها رائحتهم لكي أستطيع أن أنام".
وأضافت: لا أتمنى أن يحصل لأم مثلما حصل لي، رحل عني أبنائي في لحظة من خلال رصاصة حقد، فحياتي فارغة من دونهم وأنا لا املك غيرهم فالحياة ليس لها طعم.. البيت فارغ وحزين، لا أسمع ضحكات أسامة..ولا أحمد ولا سلام".
يذكر أن الأطفال الثلاثة تم إطلاق النار عليهم من أيادي مجهولة أودت بحياتهم على الفور وهم ذاهبون إلى مدارسهم صباح يوم 12/12 من العام الحالي ولم يكن أسامة وأحمد وسلام الأطفال الوحيدين الذين قتلتهم أيدي الغدر أو أيدي الاحتلال الإسرائيلي، ولم تكن أم أسامة ألام الوحيدة التي رحل عنها فلذات أكبادها فهناك العديد من الأمهات اللاتي فقدن أبنائهن بسلاح الفلتان الأمني، فإلى متى ستبقى هذه المأساة؟ و إلى متى سيبقى القاتل مجهولاً ؟